أهلاً بكم جميعاً. يا إلهي،
كنت أتمنى أن أرقص لكن لا يمكنني وأنتم حقا تمانعون أن أفعل ذلك. لذا عوضا عن هذا فكرت أنني أود
التكلم اليوم قليلا عن كيف يفكر الناس. أنا
شغوفة للغاية بهذا السؤال. أنا
أخصائية نفسية اجتماعية والذي يعني بالأساس أنني مراقبة محترفة للناس.
وبالتالي
هذا ما أقوم به؛ أنا أحاول اكتشاف كيف يفكر البشر وكيف يمكن أن نكون
قادرين على التفكير بشكل أفضل.
هنا شيء لاحظته منذ بضع سنوات عن كيف يبدو تفكيري؛ هنا
أسبوع عادي بحياتي، والذي يبدو عادة أنه يدور كله حول نشر الأوراق البحثية. لذا أنا هنا، في الحد الأقصى
من قدراتي الفنية على هيئة عصا أسير على طول خط الأساس، وإذا بورقة
بحثية يتم قبولها. فيحدث لي هذا الاندفاع، هذه الومضة من السعادة ومن ثم أرجع
إلى خط الأساس بموعد الغذاء.
بعد أيام قلائل، هناك ورقة بحثية قد يتم رفضها، وهذا الشيء
يعطيني شعورا مروعا للغاية، وأنتظر هذه اللحظة العابرة لكي تنتهي لكن بطريقة
ما لا أستطيع التوقف بالتفكير فيها.
هنا الجزء الأكثر جنوناً: حتى
لو تم قبول ورقة أخرى في اليوم التالي، حسنا، هذا لطيف، لكن بطريقة أو بأخرى
لا يمكنني أن أبعد عن ذهني هذا الرفض المزعج. وهكذا،
ماذا يحدث هنا؟
لماذا الفشل يبدو وكأنه يعلق بأذهاننا أطول بكثير من
النجاح؟
سويا مع زميلتي امبر بويدستن بقسم العلوم السياسية، بدأت
أفكر بهذا السؤال، هذا السؤال "هل تعلق أذهاننا في السلبيات؟" جميعنا يعلم بشكل بديهي أن هناك
طرقا مختلفة للتفكير حول الأشياء. نفس
الكأس، يقول المثل أنه بالإمكان رؤيته على أنه نصف ممتلىء ونصف فارغ. هناك العديد من الأبحاث في العلوم
الاجتماعية تبين أن الاعتماد على كيفية وصفك الكأس للناس، بما أنه نصف
ممتلئ أو نصف فارغ، يغير في كيفية شعورهم حياله. ولذا
فلو وصفت الكأس على أنه نصف ممتلئ، فإن هذا يطلق عليه إطار المكسب، لأنك تركز
على ما تم اكتسابه، ومن ثم يعجب الناس به. غير
أنك لو وصفت نفس الكأس بما أنه نصف فارغ، إطار الخسارة، فإنه حينذاك لن يعجب
الناس.
لكننا نتساءل ماذا يحدث عندما نحاول أن ننتقل من التفكير
حيال هذا بطريقة واحدة للتفكير حياله بطريقة أخرى. هل
بمقدور البشر الانتقال ذهابا وإيابا أم أنهم يعلقون بطريقة واحدة للتفكير به؟ هل
إحدى هذه العلامات، بمعنى آخر، تميل لأن تعلق أكثر بالعقل؟
حسنا، للتحقيق بهذه المسألة، قمنا بإجراء تجربة بسيطة. حدثنا المشاركين بهذه التجربة عن
عملية جراحية جديدة، وقمنا عشوائيا بتخصيصهم لحالة واحدة من اثنين للمشاركين بالحالة الأولى،
المجموعة الأولى، وصفنا العملية الجراحية من حيث المكاسب ؛ قلنا أن لها
نسبة نجاح 70%.
للمشاركين بالمجموعة الثانية، قمنا بتصوير العملية من حيث
الخسائر؛ قلنا أن نسبة الفشل 30% وبالتالي فإنها نفس العملية، نحن
فقط نركز انتباه الناس على الجزء من الكأس والذي هو ممتلئ، أو الجزء الآخر
الفارغ. من
المحتمل وغير المفاجيء أن الناس أعجبوا بالعملية عندما تم وصفها أن لديها
نسبة نجاح 70%، ولم يميلوا لها حينما وُصفت أن
لديها نسبة فشل 30%.
لكننا
بعد ذلك أضفنا نقطة تحول: أخبرنا
المشاركين بالمجموعة الأولى، "تعلمون،
يمكنكم التفكير بهذا على أن هناك نسبة فشل 30%، والآن فإنهم لم يعودوا معجبين بها؛ لقد غيروا رأيهم. أخبرنا المشاركين بالمجموعة
الثانية، "تعلمون،
يمكنكم التفكير بهذا على أن نسبة النجاح 70%"، لكن على عكس المجموعة الأولى، علقوا برأيهم الأول؛ بدوا
أنهم عَلقوا بإطار الخسارة الأولي الذي رأوه في بداية الدراسة.
أجرينا اختبارا آخر. هذه
المرة أخبرنا المشاركين عن الحاكم الحالي لولاية مهمة والذي قام بترشيح
نفسه لإعادة انتخابه ضد منافسه. ولمرة
أخرى كان لدينا مجموعتان من المشاركين، ووصفنا لهم سجل الحاكم الحالي بواحدة
من طريقتين قلنا أنه عندما تولى الحاكم الحالي المسئولية، كان متوقعا أن
التخفيضات في الميزانية بعموم الولاية ستؤثر على حوالي 10,000 وظيفة ومن ثم
نصف المشاركين قرأوا أنه تحت قيادة الحاكم الحالي 40% من هذه الوظائف تم إنقاذها. لقد أعجبوا بالحاكم الحالي; فقد
اعتقدوا أنه يقوم بعمل عظيم.
باقي المشاركين قرأوا أنه تحت قيادة الحاكم الحالي، فإن
60% من هذه الوظائف فقدت، وهكذا لم يعجبوا بالحاكم الحالي; فهم يعتقدون أنه
يقوم بعمل فظيع. لكن بعد
ذلك ولمرة أخرى أضفنا نقطة تحول. بالنسبة
للمشاركين بالمجموعة الأولى، أعدنا صياغة المعلومة من حيث الخسائر، والآن
لم يعودوا يحبون الحاكم الحالي بعد الآن.
للمشاركين بالمجموعة الثانية، أعدنا صياغة المعلومة من
جانب المكاسب، وكانت الدراسة كالأولى تماما، لم يبدُ هذا يشكل أهمية. الناس بهذه المجموعة لا يزالون
غير معجبين بالحاكم الحالي.
لذا لاحظ ما يعنيه هذا، حالما يدخل إطار الخسارة هناك فإنه يعلق. لا يستطيع البشر الرجوع للتفكير
حول الوظائف التي أُنقذت ما إن يتخيلوا الوظائف التي فقدت. ولذا في كلي هذين السيناريوهين
فعليا سيتم إقصاء الحاكم الحالي لمصلحة منافسه.
بهذه المرحلة أصابنا فضول: لماذا يحدث هذا؟ هل من الممكن
فعليا أن الناس عقليا أصعب عليهم أن يتحولوا من الخسائر إلى المكاسب على
أن ينتقلوا من المكاسب للخسائر؟
وبالتالي أجرينا الدراسة الثالثة لاختبار كيف يمكن الناس
بسهولة التحول من إطار لآخر. هذه
المرة أخبرنا المشاركين، "تخيل أن
هناك تفشيا لمرض نادر وحياة ستمائة شخص معرضة للخطر." سألنا
المشاركين بمجموعة واحدة، "إذا تم
إنقاذ حياة مئة شخص، كم عدد الأشخاص الذين سيفقدوا حياتهم؟" وسألنا
المشاركين بالمجموعة الأخرى، "إذا فقدت
حياة مئة شخص، كم عدد من سيتم إنقاذه؟" وبالتالي
كل شخص عليه أن يحسب 600 طرح 100، والخروج بالإجابة و هي 500، لكن بينما الأشخاص بالمجموعة
الأولى عليهم أن يتحولوا من المكاسب للخسائر لكي يفعلوا ذلك، الأشخاص بالمجموعة
الثانية عليهم أن ينتقلوا من الخسائر إلى المكاسب. قمنا
بحساب كم من الوقت سيستغرقوه لحل تلك المسألة الرياضية البسيطة، وما وجدناه
كان ذلك حين كان على الناس التحول من المكاسب إلى الخسائر كان بمقدورهم
حل المسألة بسرعة كبيرة؛ استغرق هذا منهم 7 ثوان في المتوسط. غير أن حينما كان عليهم التحول من
الخسائر إلى المكاسب، حسنا الآن استغرق هذا الأمر منهم وقتا أطول بكثير،
غالبا 11 ثانية. لذا هذا
يفيد بأن بمجرد ما نفكر بشىء على أنه خسارة، الأسلوب الذي نفكر به يتجه إلى
التعلق برؤوسنا ولمقاومة محاولاتنا لتغييره.
ما أصل
إليه من هذا البحث ومن بحث متصل به هو أن نظرتنا للعالم لها اتجاه جوهري للميل
نحو السلبية. إنه من
السهل للغاية الذهاب من الجيد للسيء، لكن من الأصعب بكثير التغير من السيء للجيد. نحن بشكل واقعي علينا أن نعمل بجد
أكبر لرؤية الجانب الإيجابي للأشياء.
وهذا هو ما يهم. لهذا،
فكروا بشأن الاقتصاد. هنا نجد
ازدهارا اقتصاديا من 2007 إلى 2010. يمكنكم
رؤية هبوطه مثلما نتذكر جميعا، وبعد ذلك بأواخر عام 2010 تعافى بواسطة أكثر
الإجراءات موضوعية. لكن هنا
نجد ثقة المستهلك بنفس الفترة الزمنية. يمكنكم
رؤيته يهبط تماما بمحاذاة الاقتصاد، غير أنه بعد ذلك يبدو أنه عَلق. فبدلا من أن ينتعش مع الاقتصاد
نفسه، يبدو وكأن المستهلكين قد علقوا نفسيا هناك مرة أخرى في الأزمة
الاقتصادية لذا على نحو غريب، قد يتطلب هذا المزيد من الجهد لتغيير عقولنا حول
كيفية أداء الاقتصاد ومن ثم لتغيير الاقتصاد نفسه.
على الصعيد الشخصي أكثر، ما يعنيه هذا البحث
لي هو أن عليكم العمل لرؤية الجانب الإيجابي. واقعيا،
يتطلب هذا عملا،
يتطلب هذا جهدا.
مكنكم التمرن على هذا؛ بمقدوركم تدريب عقولكم
لفعل هذا بصورة أفضل
يوجد بحث بجامعة كاليفورنيا دافيس يوضح أن بمجرد الكتابة
لبضع دقائق يوميا عن الأشياء الممتنين بوجودها يمكنه ذلك أن يعزز بشكل
مثير سعادتكم ورفاهيتكم وحتى صحتكم. ويمكننا
كذلك أن نعتاد على الأخبار الجيدة ونشاركها مع الآخرين.
نحن نميل للتفكير، صحيح، هذه التعاسة تميل للمشاركة، هذا
النوع من التنفيس يساعد على التخلص من مشاعرنا السلبية في أننا سوف نشعر
بتحسن إذا تكلمنا فقط عن كيف كان يومنا فظيعا. وهكذا
نظل نتلكم ونتكلم ونتكلم عن المدير الذي يقودنا نحو الجنون، وعن هذا الصديق
الذي لم يعاود الاتصال أبدا وعن ذاك الاجتماع في العمل حيث كل شيء صغير
كان من الممكن أن يسير بشكل خاطئ حدث. لكننا
نسينا التحدث عن الأشياء الجيدة.
مع ذلك، هذا هو بالضبط ما تحتاج عقولنا ممارسته على الأكثر. لذا زوجي والذي لديه هذه العادة
المزعجة من الاستماع لما أقول عن ما على الآخرين فعله ومن ثم يلفت إلى
النظر أنه، بشكل دقيق، أنا إنسان أيضا، أخذ في الاستماع إلى قرابة الدقيقتين في
الأيام التي كنت آتي بها غضبانة كليا و أشتكي من كل شيء و هو يستمع و يقول، "حسنا، لكن ما الذي حدث اليوم و
كان شيئا جيدا؟" لذا
أخبرته عن الطالب الذي أتى إلي بعد المحاضرة بهذا السؤال المميز والشيق، وأخبرته
عن الصديق الذي راسلني عبر البريد الإلكتروني بشكل مفاجئ هذا الصباح ليقول لي
فقط، "مرحباً". وبنقطة
ما أثناء حديثي، بدأت بالابتسام، وبدأت بالتفكير أنه لربما أن يومي كان لطيفا
للغاية بعد كل ذلك.
أعتقد أنه يمكننا كذلك أن نعمل بمجتماعاتنا للتركيز على
الإيجابيات. بمقدورنا
أن نصبح أكثر وعياً بأن الشيء السيء يميل للتعلق. تعليق
واحد مزعج يمكنه أن يعلق بشخص ما طوال اليوم أو حتى طوال الأسبوع والأشياء
السيئة تتجه لنشر نفسها، صحيح؟ شخص ما يسخر منك وبالتالي تسخر منه وتسخر من
الشخص التالي أيضا. لكن ماذا
لو أن شخصا ما في المرة القادمة سخر منك وسامحته؟ ماذا لو قابلت في
المرة القادمة نادلة حادة الطباع فعلا، وتركت لها بقشيشا إضافيا كبيرا؟ قد
تكون عقولنا مهيأة للبحث عن المعلومات السلبية والتوقف عندها، لكننا
كذلك بمقدورنا أن نعيد تدريب عقولنا إذا أضفنا بعض الجهد في ذلك وبدأنا نرى
أن الكأس لربما يكون ممتلئا أكثر بقليل مما كنا نعتقد في البداية.
Alison Ledgerwood
Translated by Noha A.H
Reviewed by Hussain Laghabi